سورة العنكبوت - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (العنكبوت)


        


{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ} في زمرة الصالحينُ وهم الأنبياء والأولياء، وقيل: في مدخل الصالحين، وهو الجنة.
قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ} أصابه بلاء من الناس افتتن، {جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} أي: جعل أذى الناس وعذابهم كعذاب الله في الآخرة، أي: جزع من عذاب الناس ولم يصبر عليه، فأطاع الناس كما يطيع الله من يخاف عذابه، هذا قول السدي وابن زيد، قالا هو المنافق إذا أوذي في الله رجع عن الدين وكفر. {وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ} أي: فتح ودولة للمؤمنين، {لَيَقُولُنَّ} يعني: هؤلاء المنافقين للمؤمنين: {إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ} على عدوكم وكنّا مسلمين وإنما أكرهنا حتى قلنا ما قلنا، فكذبهم الله وقال: {أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ} من الإيمان والنفاق.


{وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} صدقوا فثبتوا على الإسلام عند البلاء، {وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ} بترك الإسلام عند نزول البلاء. واختلفوا في نزول هذه الآية، قال مجاهد: نزلت في أناس كانوا يؤمنون بألسنتهم، فإذا أصابهم بلاءٌ من الناس أو مصيبة في أنفسهم افتتنوا. وقال عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: نزلت في الذين أخرجهم المشركون إلى بدر، وهم الذين نزلت فيهم: {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم} [النساء- 97]. وقال قتادة: نزلت في القوم الذين ردهم المشركون إلى مكة. وقال الشعبي: هذه الآيات العشر من أول السورة إلى هاهنا مدنية، وباقي السور مكية.
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا} قال مجاهد: هذا من قول كفار مكة لمن آمن منهم. وقال الكلبي ومقاتل: قاله أو سفيان لمن آمن من قريش، {اتبعوا سبيلنا}: ديننا وملة آبائنا، ونحن الكفلاء بكل تبعة من الله تصيبكم، فذلك قوله: {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} أوزاركم، قال الفرَّاء: لفظه أمر، ومعناه جزاء مجازه: إن اتبعتم سبيلنا حملنا خطاياكم، كقوله: {فليقله اليم بالساحل} [طه- 39]. وقيل: هو جزم على الأمر، كأنهم أمروا أنفسهم بذلك، فأكذبهم الله عز وجل فقال: {وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} فيما قالوا من حمل خطاياهم.


{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ} أوزار أعمالهم التي عملوها بأنفسهم، {وَأَثْقَالا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} أي: أوزار من أضلوا وصدوا عن سبيل الله مع أوزارهم. نظيره قوله عز وجل: {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم} [النحل- 25]. {وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ} سؤال توبيخ وتقريع.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ} فغرقوا، {وَهُمْ ظَالِمُونَ} قال ابن عباس: مشركون.
{فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} يعني من الغرق، {وَجَعَلْنَاهَا} يعني السفينة {آيَةً} أي: عبرة، {لِلْعَالَمِينَ} فإنها كانت باقية على الجودي مدة مديدة. وقيل: جعلنا عقوبتهم للغرق عبرة. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: بعث نوح لأربعين سنة، وبقي في قومه يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عامًا، وعاش بعد الطوفان ستين سنة حتى كثر الناس وفشوَا، وكان عمره ألفًا وخمسين سنة.
قوله عز وجل: {وَإِبْرَاهِيم} أي: وأرسلنا إبراهيم، {إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ} أطيعوا الله وخافوه، {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
{إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا} أصنامًا، {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} تقولون كذبا، قال مجاهد: تصنعون أصناما بأيدكم فتسمونها آلهة، {إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا} لا يقدرون أن يرزقوكم، {فَابْتَغُوا} فاطلبوا، {عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8